بقلم: د. فواز فرحان*

قد يغيب عن المتفاعلين أنّ الصراع الدائر في أوكرانيا لا علاقة مباشرة له بالحرية أو الديمقراطية أو العدالة الاجتماعية؛ وأن المشاكل الاجتماعية مثل البطالة والفقر ومشاكل الصحة والتعليم غائبة تماماً عن مشهد الصراع بين أنصار الرئيس يانوكوفيتش وأنصار تيموشينكو زعيمة ما يسمى بالمعارضة، الصراع في أوكرانيا بين مجموعتين؛ إحداهما تريد استمرار العلاقة الاقتصادية مع روسيا والاستفادة من واردات الغاز الطبيعي والدعم الاقتصادي منها، والأخرى تريد الانضمام للاتحاد الأوروبي لأنّ السياسة الحالية لم تغيّر من الوضع المعيشي إن لم تزده سوءاً، وقد يكون المتفاعلون مع مظاهر الحركة في الشارع الأوكراني والمفتتنون فقط بمنظر المولوتوف الملقى على القوات الخاصة القمعية والمبتهجون فقط بحالات إلقاء المتظاهرين القبض على بعض رجال الأمن غير منتبهين لخطاب قوى المعارضة ومكوناتها وممارساتها على الأرض؛ فهذه المعارضة تتكون من قوى يمينية وجماعات ليبرالية وأنصار أحزاب المعارضة البرلمانية الثلاثة التي تقود حركة الشارع اليوم، وهذه الأحزاب الثلاثة هي: حزب (الوطن الأم) الذي تنتمي له زعيمة المعارضة تيموشينكو؛ وهذا الحزب قومي ويتبنى سياسات نيوليبرالية، وهناك حزب (الحرية) الفاشي والمعادي لروسيا من منطلق قومي وعنصري، الذي تحالف مع حزب (الوطن الأم) في انتخابات ٢٠١٢، وأخيراً هناك (التحالف الأوكراني الديمقراطي للإصلاح)… هذه الأحزاب المعارضة تجمعها القومية والفاشية؛ وما إسقاط تماثيل لينين وتماثيل شهداء الحرب ضد الفاشية والنازية إلا أحد ممارسات هذه المعارضة ذات المنطلق الفاشي، وكذلك تجمعها السياسات النيوليبرالية التي تدفع نحو الخصخصة وغيرها من السياسات التي تثقل كاهل الطبقات العاملة والمسحوقة، وعلى أرض الواقع ابتعدت القوى الليبرالية عن واجهة المظاهرات بسبب سيطرة اليمين الفاشي عليها، وتم استبعاد بعض قوى اليسار من المظاهرات مبكراً بسبب طرحها لقضايا معيشية اعتبرتها القوى اليمينية تشتيتاً للخطاب وللجهود!
تتصارع روسيا ومعها بيلاروسيا وأوزبكستان من جهة والدول الأوروبية ومن خلفها أميركا من جهة مقابلة على (كعكة) السوق الأوكراني… فليست روسيا ولا الدول الأوروبية شديدة الحرص على الديمقراطية والحرية في أوكرانيا، ولا طرفا النزاع الحالي في الساحة السياسية الأوكرانية بمهتمين للقضايا الرئيسية التي تهم الشعب وتمس معيشته وحياته مباشرة، ولا تعتبر الحركة التي تبدو أنها جماهيرية بثورة ضد (الطغيان) و(الظلم) و(القهر) كما يحب أن يصفها بعض الناشطين في الكويت، وليس يانوكوفيتش بنصير للضعفاء والمقهورين ولا ببريء من الفساد والتنفيع والاستنفاع، وليست تيموشينكو الملقبة بأميرة (الغاز) والمتهمة بالفساد كذلك بالمناضلة والثائرة في سبيل الحرية والديمقراطية… لسنا مضطرين كمشاهدين ومتابعين للشأن الأوكراني بالاختيار بين روسيا والاتحاد الأوروبي، أو دعم أحد أطراف النزاع السياسي، التي تتحرك بناءً على مصالحها ودعماً لاستمرار هيمنتها على المجتمع ومقدراتها؛ فهذه الأطراف تظل قوىً طبقية رأسمالية لها حساباتها الخاصة وتتمتع بالدعم الإقليمي أو القاري إما من روسيا أو من الاتحاد الأوروبي.
بوصلتنا لدعم الشعوب يجب أن تكون العدالة الاجتماعية؛ والتي لا يمكن تحقيقها في ظل انعدام الحرية والديمقراطية، فلا يمكن أن ندعم حركة مضادة لحكومة مادورو في ڤنزويلا ومدعومة من الإدارة الأميركية لأنها تريد تطبيق السياسة النيوليبرالية التي ستؤدي إلى إلغاء كل المكتسبات الشعبية التي حققها شاڤيز -سلف مادورو- مثل تقليص نسب البطالة والأمية وديون الدولة، ولكن يجب أن ندعم الحركة الشعبية ضد حكومة أردوغان التي تطبق السياسة النيوليبرالية وتتضخم في عهدها الأسعار ونسب البطالة ناهيك عن القوانين القمعية التي يشرعها البرلمان ذو الأغلبية الأردوغانية، بوصلتنا مصلحة الشعوب وليس منظر المظاهرات المثير للحماس، وليست كل ثورة بثورة، كما أنه (مو كل مدلقم يوز) كما يقول المثل الشعبي الكويتي.
—————————— ———-
*عضو التيار التقدمي الكويتي.
يا أنصار الثورات: “مو كل مدلقم يوز”
بقلم: د. فواز فرحان
http://t.co/b5GXB1kerE
#التقدمي
يا أنصار الثورات: “مو كل مدلقم يوز”
بقلم: د. فواز فرحان
http://t.co/cQ8cAfDuZ3
#التقدمي
يا أنصار الثورات: “مو كل مدلقم يوز”
بقلم: د. فواز فرحان
http://t.co/06s4Wcr60a
« يا أنصار الثورات : “مو كل مدلقم يوز” »
مقال رائع يستحق القراءة بقلم العزيز د. فواز فرحان
http://t.co/8NBkDpx5Qx
مو كل مدلقم يوز !!!
الرفيق/ د. فواز فرحان
http://t.co/3P2XQjh6I8
مقالي عن الوضع الأوكراني وظاهرة التفاعل بسطحية مع أي مظاهرة في العالم
يا أنصار الثورات: “مو كل مدلقم يوز”
http://t.co/06s4Wcr60a